يعد الاحتفال" القرنقشوه " تقليدا اجتماعيا ارتبط بشهر رمضان المبارك ويقام في ليلة منتصف شهر رمضان حيث يخرج الأطفال بعد الانتهاء من تناول الإفطار وصلاة المغرب في مجموعات منظمة مرددين عبارات "قرنقشوه يوناس.. أعطونا بيسة حلواه.. دوس دوس طلع غوازيك من المندوس.. حارة حارة طلع غوازيك من السحارة".
وكلمة " غوازيك " هي جمع "غازي" وتعني عملة معدنية قديمة كان يتعامل بها في السلطنة وهي أصغر من البيسة فيما تعني "المندوس والسحارة" الصندوق الذي تحفظ بداخله الأشياء الثمينة.
وأصبح القرنقشوه عادة ينتظرها الأطفال ويستعد لها الكبار وهي بمثابة عيد للأطفال حيث يتهيؤون لها قبل قدومها بعدة أيام من خلال اختيار الملابس الجديدة وفي اليوم الرابع عشر من شهر رمضان وبعد صلاة المغرب يخرج الأطفال في مجموعات وتغمرهم الفرحة أثناء زيارة المنازل التي ينتظرهم عندها الكبار ليستقبلوهم بالحلويات والنقود والمكسرات ويساهموا في إيجاد الابتسامة لدى الأطفال.
وتختلف الهدايا المقدمة للأطفال وتتنوع في الوقت الحالي لتتماشى مع تطور المعيشة ورغبات الأطفال ويتنافس كل منزل على تقديم الأفضل للأطفال ليعودوا في نهاية القرنقشوه إلى منازلهم وهم في سعادة غامرة ويعرضون على أهلهم الهدايا التي حصلوا عليها في احتفالية رمضانية جميلة.
ويحتفل العديد من ولايات السلطنة بــ "القرنقشوه" وهو الاسم السائد للاحتفالية التي يسميها البعض " القريقيعان " وهو الاسم المستخدم أيضا لدى بعض دول مجلس التعاون الخليجي التي تحتفل بهذه العادة الرمضانية.
وتساهم القرنقشوه في تعزيز التواصل الاجتماعي كما أنها تمكن الأطفال من الاتصاف بصفات جيدة من خلال الخروج في مجموعة وتعلمهم نظام العمل الجماعي حيث يوجد في المجموعة القائد الذي يوزع الأدوار بين باقي أفرادها ويحدد مسارات الذهاب والعودة وفترة الاستراحة وغيرها من الأمور.
ولا تقتصر القرنقشوه على فئة معينة من الأطفال بل يشارك فيها الأطفال بمختلف شرائح المجتمع وتشير المعلومات حسب ما أفاد الأهالي إلى أن عادة القرنقشوه متوارثة منذ القدم فالآباء والأجداد شاركوا فيها وما زال الأبناء محافظين عليها ويحرصون على المشاركة فيها بل وينتظرونها بفارغ الصبر في كل عام شأنها لديهم كشأن عيدي الأضحى والفطر.
وكان الأطفال في القدم يخرجون في مجموعات ويحدد رئيس لكل مجموعة وهو الذي يستلم الهدايا من الأهالي ويقوم بقية الأطفال بترديد نشيد الاحتفالية وعند الوصول إلى أي منزل يقوم الأطفال بالتحية على أهله والدعاء لهم وبعد الانتهاء من القرنقشوه يجتمع أطفال كل مجموعة ليقتسموا ما حصلوا عليه ويعود كل طفل إلى منزله فرحا ويستقبله أهله في أجواء احتفالية مثالية حيث كانت تقتصر الهدايا في القديم على التمر والحلوى العمانية وبعض المكسرات والنقود إلا أنها تطورت حيث أصبحت الآن تتماشى مع المعيشة ورغبات الأطفال وهو ما يختلف عن السابق.
وبعد صلاة التراويح يبدأ تجمع أكبر يشارك فيه الكبار والصغار حينما يخرج أبناء الحي أو القرية في مجموعة واحدة بملابس تصور الحياة في القديم وتستخدم الأدوات القديمة فيها كما يتوفر القنديل لإنارة الطرقات والملابس التي توحي إلى الحياة القديمة ويرافق المسيرة أطفال القرية ليمروا على المنازل ويذهب رئيس المسير لاستلام هدية القرنقشوه حيث أصبح الأهالي ينتظرون المسيرة الاحتفالية وأخذ الصور التذكارية لها في جو يسوده الفرح والسرور بين أفراد المجتمع.
وبدأت المؤسسات الاجتماعية والجمعيات والمراكز التجارية المشاركة في إحياء "القرنقشوه" من خلال إقامة حفلات لهذه العادة والمساهمة في رسم الابتسامة على محيا الأطفال والمشاركين.
وقال الشيخ سالم بن علي الناعبي عضو المجلس البلدي بولاية قريات لوكالة الأنباء العمانية: يعتبر " القرنقشوه " مناسبة دينية اجتماعية متوارثة منذ القدم احتفل بها الآباء والأجداد وحافظنا عليها ويحتفل بها أبناؤنا وأحفادنا الآن ويبدأ القرنقشوه بتجميع حجر الأودية أو الحجر الساحلي ونقوم بعمل فريق مكون من الجيران والأهل يتضمن فريقا للإناث وفريقا للذكور قبل ليلة القرنقشوه بثلاثة أيام وفي وقت " القرنقشوه " بمنتصف الشهر الفضيل وتحديدا في الرابع عشر من رمضان بعد صلاة المغرب نبدأ الاحتفال على شكل مجموعات تبدأ من الحارة التي نقطن بها ومن ثم الحارات المجاورة ونردد " قرنقشوه يو ناس ... عطوني بيسة حلواه .. دوس دوس طلع غوازيك من المندوس ... حاره حارة طلع غوازيك من السحارة" ومن أمام البيت الذي يوزع علينا الهدايا نردد " الله يخلي البيت العود .. قدام بيتكم وادي .. وجاكم الخير متبادي" ونعود إلى المنازل قرب السحور عائدين وكلنا فرح وبهجة ونقتسم الهدايا عن طريق الشخص الأكبر في السن وهو قائد المجموعة الذي حدد مسبقا أثناء التجهيزات حيث إن القائد هو الذي يستلم النقود والهدايا عن مجموعته ويمتلك القائد سابقا قفيرا سعفيا يدخر فيه كل الهدايا والنقود ويقوم بتوزيعها على مجموعته بعد العودة إلى المنازل.
وأضاف أن هدايا "القرنقشوه" في الستينات كانت تقتصر على النقود والتمر ومع بداية عصر النهضة المباركة في السبعينات أضيفت بعض الهدايا كالحلوى والفراخ والمكسرات وشهدت في الآونة الأخيرة هدايا الأطفال الكثير من التطور نظرا لتطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية لتشتمل على مختلف الحلويات مع المكسرات والألعاب الصغيرة إضافة إلى النقود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق