الاثنين، 3 يونيو 2019

السفن

نتيجة بحث الصور عن سفن
طرق الحفاظ على العادات والتقاليد الإيجابية الأسرة هي المعلم الأول والأقدر على الحفاظ على منظومة العادات والتقاليد الإيجابية في المجتمع، وذلك من خلال نقل هذه العادات من جيل الآباء إلى جيل الأبناء، ومن هنا فإنّ ذلك سيعمل حتماً على انتشار هذه العادات وعدم اندثارها، كما يجب أن يتم الحد من خلال الأسرة من التأثيرات الضارة للعولمة، ومن هنا فإنّ مهمة الآباء في هذه الأيام أعظم وأخطر من مهمة الآباء في أيّ وقت مضى، فهم مضطرون إلى الجمع بين فوائد التقنيات والوسائل الحديثة في الاتصال، وبين الحفاظ على العادات والتقاليد الحميدة الموروثة. المدرسة يمكن من خلالها أيضاً الحفاظ على القيم، وذلك عن طريق غرسها في الطلبة منذ الصغر، وتعليمهم الثقافة الأم، قبل تعليم الطلبة الثقافات الأخرى، لهذا فإنه من الإجرام –على سبيل المثال- أن يتم تعليم صغار الطلبة في المدارس العربية اللغات الأجنبية قبل اللغة العربية الأم. الاهتمام بالإعلام، وخاصة بما يبث من خلال أفلام ومسلسات الرسوم المتحركة، فالأفلام والرسوم المتحركة المستوردة التي تُبث على أنّها من ضمن البرامج المخصصة للأطفال ولكنها قد تحتوي على ما يناقض عادات المجتمع وتقاليده، لهذا فإنه ينبغي الاهتمام والتركيز على تقديم برامج، وأفلام، ومسلسلات رسوم متحركة محليّة تبث القيم الحميدة، وبنفس جودة الأجنبي، ويجب أن يكون ذلك من أولى الأولويات من أجل الحفاظ على الجيل الناشئ، والعادات، والتقاليد المجتمعية.

لقد ساهم الموقع الإستراتيجي لسلطنة عمان في إزدهار النشاط البحري عبر العصور وكان القوة الدافعة لإزدهار الموانئ العمانية ولا تزال السلطنة واحده من الدول الرائده في النشاط البحري كما لا تزال موانئها الكبيرة في مسقط ، صحار وصلالة تلعب دورا مهما في المحافظة على هذا التراث البحري العريق . ويؤكد التاريخ هذه الحقائق ، ففي رأس الجنز ، تم العثور على بقايا قارب مصنوع من السعف كان يستخدم في التجاره مع الهند قبل 4500 سنة ويعد هذا القارب خير شاهد على أن السلطنة التي كانت تعرف في ذللك الوقت بإسم “مجان ” كانت لها علاقات تجارية عن طريق البحر مع المدن القديمة مثل أور وسومر في العراق . وولاية كوجرات في الهند ، كذلك شهدت السلطنة إنتعاشا كبيرا بسبب تجارة النحاس التي كانت رائجة في صحار وسمد الشأن وجزيرة مصيره والعديد من المواقع الأخرى آنذاك . كما كانت هذه التجارة رائجه بسبب توفر البحاره المهره وإزدهار صناعة القوارب . وخلا القرون الماضية ، إنتشرت الموانئ التجاريه ومرافئ الصيد العمانية على طول الساحل من خصب الممتد من خصب بمحافظة مسندم وحتى صحار ومطرح ومسقط وقلهات وسمهرام بظفار . بالإضافة إلى وجود أماكن مغلقة تحيط بها الجبال والصحارى مثل رأس الحد وبر الجصة وبندر الخيران. وقد وفرت هذه المواقع الملاذ الآمن للسفن من تقلبات الطقس وإستخدمت كنقاط راحة للبحاره. وقد ورد في أحد النصوص السومرية أن الملك العظيم سرجون كان يتباهى بإن سفنا من “مجان ” تزور مملكته وترسو في مرافئه إلى جانب سفن من دول أخرى .
ومع نهاية الألفية الأخيره قبل الميلاد ، شهدت ظفار إنتعاشا كبيرا في تجارة اللبان مع مملكة سبأ والهند ومصر وروما والصين . وقد كانت تجارة اللبان السبب في إزدهار العديد من المدن والموانئ في جنوب السلطنه مثل خور روري والبليد ومرباط فضلا رواج تجارة الأواني الفخارية العمانية في أنحاء شبه الجزيره العربية وتشير كتابات المؤرخ الأغريقي ” بليني ” في القرن الأول قبل الميلاد ، إلى أن السيطره على تجارة اللبان جعلت بعض تجار جنوب شبه الجزيره العربيه ، من أغنى تجار العالم في ذلك الوقت. وفي القرن الثامن ، وصل البحار العماني أبو عبيده بن عبدالله بن القاسم العماني ، الذي يعتقد بأنه البحار الشهير “سندباد” إلى الصين حيث أقام مجتمعا تجاريا في مدينة كانتون. كذلك ، فإن البحار الشهير أحمد بن ماجد كان من أمراء البحار في القرن الخامس عشر وهو الذي أرشد فاسكودي جاما على طريق رأس الرجاء الصالح وما حوله .
وفي القرن الثامن عشر ، ظهرت مسقط كواحده من أهم مراكز التجاره في المحيط الهندي في عهد الإمام أحمد بن سعيد وخلال حكم إبنه السيد سلطان بن أحمد توسعت المناطق التي تسيطر عليها عمان لتشمل جوادر في باكستان وشهريار وهرمز وبندر عباس وقيشم في إيران والبحرين في الخليج العربي . أما إبنه السيد سعيد بن سلطان ، فقد نجح في بسط  النفوذ البحري العماني من رأس جوردافور في القرن الأفريقي بريمبا في موزمبيق بما في ذلك مقديشو وماليندي وممباسا وزنجبار وخلال عهده ، كانت السفن العمانيه تصل إلى المدن البعيده بما في ذلك لندن ونيويورك وفي عام 1834م أهدى السيد سعيد بن سلطان البارجه ليفربول وعليها 74 مدفعا إلى الملك وليم الرابع كهديه منه للتاج البريطاني فيما وصل أحمد بن نعمان الكعبي في عام 1840م إلى نيويورك على متن السفينه التجارية (سلطانه ) مبعوثا إلى الولايات المتحده .


بناء السفن

وفي ذروة إزدهار الإمبراطورية البحرية العمانية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أصبحت عمان تملك خبرة كبيرة في بناء السفن المزودة بأحدث الأنظمة الملاحية في ذلك الوقت وحرص القائمون على بناء السفن على النواحي الجمالية فيها ولذلك تميزت بشكلها الجذاب حتى أن أحد الكتاب الفرنسين وصف رحلة في سفينة من النوع المعروف بإسم ( البغلة) ” قائلا كانت نوافذ السفينة جميلة وجذابة كما تميزت السفينة المصنوعة من خشب التيك بوجود نقوش غاية في الدقة ومقدمتها المنحنية للأمام بإتجاه البحر لتبدو السفينة كما لو كانت بجعة تسبح في النهر ” حيث كانت عملية زخرفة السفن تتم بإستخدام أدوات بسيطة كالمطرقة والإزميل. كما أن عملية بناء السفن كانت تتم بحسب المشاهدة بالعين والتنفيذ باليد دون أن تكون هناك أي مواصفات مكتوبة أو رسومات . وكان يتم ملئ الفجوات بإستخدام خليط من الجبس ودهن سمك القرش وكان هذا النوع من القوارب هو الأفضل في منطقة الخليج العربي كلها . كما كانت وراء السمعة البحرية المميزه والكبيره التي تمتعت بها السلطنة قبل إكتشاف السفن التي تعمل بالبخار .


مسقط : الميناء الخفي

كان أول ذكر لمسقط كميناء في أوائل القرن الأول عندما أشار إليها عالم الجغرفيا اليوناني بطليموس بإسم “الميناء الخفي ” وكانت هناك وثيقتان في القرن التاسع تحدد طرق الملاحة من الخليج إلى الصين وكانت مسقط نقطة حيوية في هذه الطرق حيث كانت آخر مكان للتزود بالمياه من جانب السفن المتجهة من الخليج إلى الهند وشرق أفريقيا وما بعدها .كذلك فقد ظهر إسم ميناء مسقط في العديد من الخرائط البحرية التي تؤكد على أهمية المدينة لميناء رئيسي واقع على طرق التجارة العالمية في ذلك الوقت . وعلى سبيل المثال : خريطة طريق التوابل الصادره في العام 1649م والتي تغطي طريق التوابل من رأس الرجاء الصالح إلى منطقة البنغال في الهند ، حيث ظهرت مسقط بشكل بارز على الخريطة ، كما كانت السلطنة نقطة إلتقاء هامة للتجارة بين منطقة البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي .
وكان يتم نقل التوابل والشاي والذهب والعاج والحرير والبضائع الأخرى من الهند والصين وجزر التوابل في قوارب إلى منطقة الخليج العربي ثم يتم بعد ذلك نقلها في قوافل من الأبل إلى البحر الأبيض المتوسط . وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كان ساحل مسقط جزءا من خرائط الطبوغرافيا البحرية لمناطق العالم نظرا لموقعه الإستراتيجي على طرق التجاره العالمية . وقد قامت العديد من الدول وشركات التجاره والشحن بإرسال البعثات الإستكشافية لإكتشاف ساحل مسقط والتعرف على طبيعة أرضها وكان من نتائج هذه البعثات ظهور عدد من الخرائط والرسومات الدقيقة لمسقط والتي يمكن إستخدامها في الأغراض التجارية والعسكرية .
وفي رسم يعود تاريخة إلى القرن الثامن عشر ، كتب أحد الرسامين قائلا ” إن ميناء مسقط هو الميناء الوحيد الذي تبقى فيه السفن آمنه طوال الوقت ” ونظرا لموقع الميناء الإستراتيجي ، فقد حاولت الكثير من القوى الإستعمارية الأوروبية السيطره عليه ، فبعد أن قام البرتغاليون بإحتلاله في القرن السادس عشر حاولت فرنسا الإستيلاء على الميناء لأنه يوفر الدعم الخلفي المطلوب لإسطولها الموجود في موريشيوس ويؤمن طرق التجاره في باقي منطقة الخليج . كما حاولت بريطانيا بدورها ملاحقة الإسطول الفرنسي والسيطره على مسقط لتوفير الدعم اللوجستي اللازم لإسطولها في المحيط الهندي وتعزيز تواجدها في المنطقة . وبعد وفاة السيد سعيد بن سلطان في عام 1856م ، بدأ النشاط البحري التجاري العماني في التراجع وإقتصر خلال الحقب التالية على إستيراد البضائع الأساسية بشكل رئيسي من الهند عن طريق قوارب الصيد التقليدية وكان على هذه القوارب الرسو بعيدا عن الساحل والإنتظار ربما لأيام قبل أن يتم تفريغ حمولتها يدويا في قوارب صغيره ومع تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – مقاليد الحكم في عام 1970م ، بدأت عمان حقبة جديده في تاريخها البحري ، حيث تم إنشاء ميناء السلطان قابوس في عام 1974م وقد كان إنشاء هذا الميناء خطوه مهمة في سبيل إستعادة السلطنه لمجدها البحري العلريق علاوه على ذلك ، تم تطوير عدد من الموانئ الأخرى من بينها صلاله وصحار وخصب وشناص والدقم .
كما تم إنشاء أرصفه خاصة بالشركات الكبرى وموانئ الصيد مما ادى إلى إنتعاش البنيه الأساسية الخاصه بالنقل البحري والتي كان لها دور كبير في تنويع مصادر الدخل الوطني .
احتلت صناعة السفن العمانية مكانة بارزة بين الصناعات التقليدية العمانية، حيث برع العمانيون في هذه الصناعة ولعبت هذه السفن دورا كبيرا في وصول العمانيين لمشارق الأرض ومغاربها واتصالهم بحضارات العالم القديم،وتتميز السفن العمانية إجمالاً بتعدد أنواعها وأشكالها، وكانت مدينة صور التجارية أشهر المدن المطلة على المحيط الهندي في بناء السفن ، ويمكن للزائر في صور أن يتجوّل ويشاهد مراحل التصنيع المختلفة  للسفن والقوارب والمواد المستعملة لصناعتها ويستطيع السائح اقتناء نماذج صغيرة للسفن التي كانت تصنع قديما في صور، ومن أشهر السفن بولاية صور سفينة ( الغنجة ). وتستغرق فترة بناء الغنجة سنة كاملة وتخليدا من أهالي صور لهذا النوع من السفن تم وضع سفينة من نوع الغنجة سفينة(فتح الخير) قبالة المتحف البحري في المدينة، ونصبوها كتذكارا لهذه الولاية العريقة.ومن أنواع السفن العمانية الأخرى (السنبوق)  و( البدن ). وتتميز السفن العمانية الصنع عموما بالمتانة والقوة.

الخناجر

تعد الخنجر إحدى سمات الشخصية العمانية ، وقد تميز الرجل العماني بهذا المظهر ‏الذي يعتبر من أهم مفردات الأناقة الذكورية ، والخنجر تصنع من الفضة الخالصة التي كانت ‏تستخلص من صهر النقود الفضية المتداولة قديماً بعد فصل الحديد منها ، وهي عملية دقيقة قد ‏تستغرق أكثر من شهر ، غير أن الوقت الأكبر كانت تستغرقه عملية النقش على صفائح الفضة ‏ 

وهناك طريقتان لنقش الخنجر هما : ‏ 
النقش بالقلع : ويستخدم مسماراً دقيقاً لنقش الصفيحة الفضية حيث يتطلب ذلك ‏صبراً ومهارة لتظهر النقوش كعمل فني متقن . ‏ 
نقش التكاسير : وهو الطريقة الثانية وفيها يستخدم الصائغ خيوط الفضة في تزيين الخنجر ‏وهذه من الأمور المستحدثة في صياغة الخنجر . ‏ 
وتتعدد أنواع الخناجر فهناك النزواني الذي يتميز بكبر الحجم مقارنة بالصوري الذي تغرز ‏في قرنه مسامير صغيرة على شكل نجمة أو متوازي أضلاع ، وهناك أيضاً الخنجر السعيدي التي ‏تنسب إلى العائلة المالكة والخنجر الصحاري وغيرها ، والإختلاف يأتي من الحجم وشكل ‏الخنجر ونوع المعدن الذي يصنع منه أو يطلى به . ‏ 

والخناجر على إختلاف أنواعها تحمل سمات مشتركة وتتكون من الأجزاء التالية : ‏ 

القرن (المقبض) : وتختلف من منطقة إلى أخرى وأغلى المقابض ثمناً تلك المصنوعة من قرن ‏الزراف أو الخرتيت ، أما الصندل والرخام فهي من الخامات البديلة لصناعة المقبض . ‏ 
النصلة (شقرة الخنجر) : وتختلف من ناحية القوة والجودة وتعد من محددات قيمة وأهمية ‏الخنجر . ‏ 
الصدر (أعلى الغمد) : وهذا الجزء عادة ما يكون مزخرفاً بنقوش فضية دقيقة . ‏ 
القطاعة (الغمد) : وهو الجزء الأكثر جاذبية في الخنجر ، ويكون مطعماً بخيوط فضية . ‏ 

وتكمن قيمة الخنجر في القرن والنصلة ، فالقطاعة ، والصدر ، ومن ثم الطوق (أسفل ‏المقبض) ، لذلك وبحسب القول السائد هي (زينة وخزينة) في آن معا . ‏ 

والخنجر من الملامح العمانية التي تستمر المحافظة عليها ، فيندر مشاهدة رجل عماني لا ‏يتمنطق خنجراً في حفل في حفل رسمي ، ولا سيما لدى الوجهاء والأعيان وفي المناسبات ‏الوطنية والخاصة كعقد القران والزفاف والتكريم وغيرها . وإن كان الخنجر قديماً يحمل أساساً ‏للدفاع عن النفس ، فإنه حالياً يعد من إكسسوارات الأناقة ولوازم الوجاهة التي لا يستغن عنها ‏فالعماني يحرص على إقتنائها أو إهدائها كتحفة فنية رائعة . ‏



المندوس

كان ثمة فرق يعلمه العمانيون بين (المَندوس) و(السَّحَّارَه)، كان هناك فارق جوهري في الموضوع، وليس على مستوى الشكل فقط، وإلا فإن كل فرق بينهما من تشابه من حيث العموم يكاد لا يكون موجودا، فكلاهما مستطيل الشكل، وكلاهما له غطاء من الأعلى يأخذ شكلا مستطيلا، وكلاهما يتم وضع الأشياء فيه، وكلاهما يصنعهما نجار، وكلاهما يتم استخدامهما في البيت العماني، ولكنّ التاريخ ظل محتفظا بخصوصية ذات رمزية خاصة لـ (المندوس)، وأخرج (السحارة) من ذاكرة التاريخ الاجتماعي، اللهم إلا ما ندر.

ما الذي يجعل (المندوس) يحمل هذه الميزة الجوهرية في حضوره ورمزيته وأبعاده؟

من المهم معرفة أن أماكن وضع (المندوس)، والمناسبات المرتبطة به، وما يدور حوله من حكايات وقصائد تقال عامرة بها الذاكرة، وحضوره في البيئة المناسباتية والموضعية البيتية ذات نهج إجابيّ عن هذه التساؤلات.. في البيئة العمانية لا يمكن أن تذهب العروس إلى بيت زوجها من دون مندوسها، الذي يأتي العريس قبلا بـ (زهبتها) فيه، ليكون هو خزانة حياتها المستقبلية، وبيت خصوصيّتها بعد الزواج..

 (المندوس) تجاوز مفهوم الشكل المستطيل، ليدخل في جغرافيا التشكيل، فخشبه من الساج، والساج يؤتى به من بلدان شمال أفريقيا ومن الهند، و(المندوس) يتم (تنجيده)، ليكون لشكله بعد جمالي مختلف، و(التنجيد) هو تشكيل مساحات الواجهة فيه، والمساحات الفراغية على (بابه) أو غطائه، بنجوم تشبه الدبابيس ذات الرؤوس في وقتنا الحاضر، ولكنها كانت أكبر حجما في السابق، وأحيانا يتم التزيين بمسامير صغيرة للغاية، يدق دقها بعد تشكيل الفراغ الواجهي لـ (المندوس)، لتأخذ بعد الانتهاء منه شكلا ملفتا وجماليا رائعا.. 

(المندوس) غالي الثمن، ولا يقتنيه أيّ كان، وبالتالي فإن وجوده يقتصر على الأسر المقتدرة؛ لأن قيمته تكمن في خشبه القوي العصيّ على الزمن والتقادم والخراب، ويتميز بالمتانة التي تصل إلى حد عدم اختراق المياه سطحه وتخريب ما في بطنه من أشياء ثمينة للمرأة والرجل على حدّ سواء..

المندوس ليس مجرد شكل عام يرمز إلى حقبة زمنية عابرة في تاريخ مكان، بل هو نكهة صناعية خاصة، فيه تضع المرأة ما يخصها، فكل ما لا تريد إظهاره مما يدخل في حوزتها فإنه يكون هناك؛ ولأن ما فيه ثمين وغال، سواء من الناحية القيمية أو من الناحية الشخصية المعنوية، فإن المحافظة عليه في مكان بارز من ناحية ومحميّ من ناحية أخرى هو ما يجعله يأخذ هذه المساحة من الخصوصيّة. ولعل ذلك مهم في إعطاء المندوس حياته الواقعية؛ وهو أي (المندوس)، لا يرتبط بالمرأة فقط، فلأنه خزانة من حيث الدور، ومهم من الناحية الموثوقية، فقد استخدمه التجار أيضا، لحفظ أوراقهم وصكوكهم وأموالهم وما يشير إلى حقوقهم وخصوصياتهم أيضا.

(المندوس) ليس مجرد شكل حافظ، بل هو روح ثقافة، وقلب بشر كان جزءا ثمينا من وجودهم؛ ولأنه كذلك، فقد تجاوز زمنه، وصار جزءا من زمننا المعاصر، فهو رمز تجاري، ورمز تاريخي، ورمز استهلاكي حياتي، أي أنه ما زال جزءا من التاريخ، ممتدا على مدار أجيال من العمانيين.

نتيجة بحث الصور عن المندوس العماني

حنّاء عُمان زينة ودواء

للخضاب، أي عجين الحنّاء، في سلطنة عُمان حكاية مغرقة في القدم وضاربة في الجذور التاريخية لهذه البلاد. يذكر الكثير من المصادر أنّ خضاب عمان كان الأفضل، والأقوى صبغةً، والأثبت لوناً، وكان الناس من عمق الجزيرة العربية يطلبونه. كان التاجر العماني يحمل ما تيسر له من الحنّاء واللومي (الليمون اليابس) والتمور والبخور من سهل مرباط في محافظة ظفار، وينطلق بقافلته إلى عمق الجزيرة وصولاً إلى بلاد نجد والحجاز. يبيع بضاعته إلى قبائل العرب من بني تميم، وقريش، وكنانة، وتغلب، وعلى رأس تلك البضائع مدقوق الحنّاء.

لم يقتصر حضور الحنّاء في الثقافة العمانية على أغراض الزينة فحسب، بل كانت تستخدم كإشاراتٍ دالةٍ على المنزلة والمكانة للنساء في المجتمع. وشملت في دلالاتها التفريق بين المتزوجة وغير المتزوجة. وكانت تقدم زهورها وأوراقها إلى الإله "باجر أو باحر" ما قبل الإسلام في طقس التقديس الوثني السنوي. كذلك، ذهب كثير من العرّافين (المعلّمين في المحلية) إلى استخدام رموزها في كشف الطالع والتنجيم وفكّ أعمال السحر، وكتابة الطلاسم.

وفي نبش للذاكرة، تفرد السبعينية سليمة الغيثي من ولاية إزكي، ما تيسر لها من ذاكرة حيّة عن القيمة الرمزية التي أولتها المرأة العمانية لمدقوق الحنّاء: "في ما مضى كنّا نقطف أوراق الحناء، ونجففها ثم نطحنها ونغربلها. وعندما نرغب في استخدامها نخلطها مع مدقوق اللومي اليابس والماء". 

تضيف أنّ مخلوط الحنّاء كان يجهز قبل أيامٍ من استخدامه، وبخاصة في أيام الأعياد: "قبل العيد بأيام، كانت النسوة يعجنّ الحنّاء، وقبله بيوم يخضّبن الصغار من الجنسين في اليدين والقدمين قبل النوم، وكذلك تفعل الأمهات. لم تكن الحنّاء على أيامنا كالحنّاء اليوم، فلم تكن هناك رسوم أو أشكال". تضيف أنّ المرأة المتزوجة كانت تتحنّى لزوجها الغائب عندما يعود، وكان خضاب الحنّاء يوزع على الحضور يوم ختان الأولاد الذكور في احتفال يجمع كلّ أهل القرية. كذلك تُعلّق أغصان الحنّاء على البيوت مع سعف النخيل لاستقبال العائدين من الحج.