الثلاثاء، 7 يناير 2020

مقابر بات

 مدينة (بات) بولاية عبري غنية عن التعريف بسجلها التاريخي الحافل فهي لؤلؤة جميلة لها سحر جمالي تتمتع بالكثير من المفردات التراثية تتعانق الحياة العصرية الزاهرة مع أريج الماضي وعبقه الزاخر ونقوش التاريخ العريق بكنوزه التي أضاءت في سمائها عطرا فواحا شذاه يستمتع به كل من جلس بين أحضان هذه المدينة التاريخية الأثرية التي أدرجت آثارها ضمن التراث العالمي بمنظمة اليونسكو.
فعندما تزورها فانك حقا تزور التاريخ بأكمله وتتصفح أوراق عصور قديمة لها حضارتها المتميزة ويعود بك الزمن إلى الألف الثالث قبل الميلاد لترى ملامح هذه الحضارة العريقة التي نسجت خيوطا ظهرت جليا للعيان على مدى عمق التاريخ والبطولات الإنسانية. ولا ريب أن تجيد القريحة أجمل معاني الشعور لتصف هذه الملحمة العظيمة في سجل مدينة الألف الثالث قبل الميلاد في عبري الواعدة والتي تعتبر بمثابة النموذج الجيد للتلال الأثرية المنتمية إلى عصر ما قبل (الأسرات) في عمان والتي يعود تاريخها إلى الألف الثالث قبل الميلاد. ويتضح من مقابرها الأثرية فن التطور المعماري من عمارة المقابر على شكل خلية نحل إلى المقابر الأكثر تطورا والتي تعرف باسم مقابر حضارة أم النار وتم بناء هذه المقابر من الحجر ويبلغ ارتفاع القبر الواحد ثمانية أمتار ويشتمل على دفنيتين والى خمس دفنات إضافة إلى ذلك القصر الأثري القابع مع بداية مدخل البلد بشوامخه وتراثه العريق.

        

وقد عثر في هذا الموقع على كمية من العظام البشرية وآثار الفخار المتعددة الأشكال والزخارف والأواني الحجرية والنحاسية.
وتقع هذه المدينة الأثرية والتاريخية شرقي ولاية عبري وتبعد عن مركزها بحوالي 30 كيلومترا وبلدة بات تشتهر بمدافنها الأثرية التاريخية فقد سميت بهذا الاسم باعتبارها نقطة العبور بين المناطق الجبلية والمناطق السهلية فهي حقا تعتبر استراحة للمسافرين أثناء عبورهم من والى المناطق الجبلية والعكس وذلك للاستراحة من عناء السفر وأيضا لتوفر المراعي والمياه في البلدة.
وقد تم اكتشاف المواقع الأثرية بالمدينة في عصر النهضة ففي عام 1976م عندما قامت البعثة الدنماركية بالتعاون مع وزارة التراث القومي والثقافة بالتنقيب في الموقع تم العثور على مدافن وهي عبارة عن أشكال شبه هرمية مبنية من الحجارة بطريقة هندسية متقنة وتوجد إعداد كبيرة من المدافن تحيط بالبلدة من جميع الجهات، إلا أن اكبر تجمع لها يقع على بعد حوالي نصف كيلومتر شمال بلدة بات، وقد تم العثور في موقع التنقيب على بعض الأواني الفخارية والاسورة و المقتنيات المنزلية وقد لوحظ أن مدافن بات الأثرية تشبه مثيلات لها في مدافن أم النار والذي يتوقع وجود علاقات تجارية بين عمان والدول الأخرى في عصر ما قبل الإسلام.
ويوجد بالمدينة عدد من المباني الأخرى الأكبر حجما والتي تبدو كقصور مقارنة بمثيلاتها من الآثار وقد بنيت هذه القصور من حجارة اكبر حجما يزيد طول معظمها على المتر والنصف.
منها قصر الرجوم وهو أكبرها إذ يتكون من ثماني غرف متحلقة حول بئر يتوسطها ويحيط بالقصر عدد من الغرف المتلاحقة. وقصر السلمي وقصر الخفاج وقصر المطيرية وبمدينة بات حصون عديدة تتمثل في: حصن الوردي وبني على قمة تلة عالية تتوسط البلدة وهو عبارة عن أربع غرف يحيط بها سور وقد تم بناء القلعة مكان الغرف والسور وتوجد بئر في القلعة، وحصن الغسالة الذي يوجد بداخله بئر أيضا وبيت العود (المندثر) وحصن الزاميات (المندثر)
وعن الأفلاج يبلغ عدد الأفلاج في المدينة اثنين قيد الاستعمال والباقي مندثر، وهي (فلج السياح وفلج الزعبي وفلج شرصة وفلج المسيبيخ وفلج الواشحي وفلج خميس وفلج الشويعي وفلج البيرين وفلج المغادر وفلج القبيل) حيث يعد فلج (شرصة) احد اكبر الأفلاج في الظاهرة، إذ كان قديما يقسم إلى اثني عشر قسما للسقي، إلا أن الفلج أصبح الآن مندثرا، وكان يستخدم للسقي منذ حوالي سبعين عاما.
والمواقع السياحية عديدة في مدينة بات منها الجبيات التي تكثر بها البرك المائية والغيول ولعوينة وهي عبارة عن عين غير عذبة وهي قديمة ويوجد بقربها عين ماء أخرى صالحة للشرب واعين عديدة (صغيرة) منها الصالح للشرب ومنها غير ذلك.
وحظيت مدينة بات في هذا العهد الزاهر الميمون بالعديد من المنجزات الخيرة منها توصيل الكهرباء إلى المدينة ومحطة لتقوية إرسال الهاتف النقال وترميم وإصلاح فلجي السياح والزعبي ومعالجة الطريق معالجة سطحية من الدريز إلى بلدة بات وبناء مدرسة إعدادية وابتدائية وسيتم قريبا توصيل الهاتف المنزلي إلى البيوت وتوجد العديد من المحاصيل الزراعية كالنخيل والقمح والذرة والشعير والخضراوات والأعلاف والصناعات والحرف التقليدية التي يمارسها الأهالي بالبلدة هي مهنة الفخار والتجارة وصناعة الحبال والسمة والقفران والخصافة والحصر من سعفيات النخيل.