عمان قديما
عُرفت منطقة عمان في التاريخ القديم باسم مجان. فقد ورد هذا الاسم في النقوش السومرية والأكادية من وادي الرافدين (العراق القديم) ودلمون وملُّوقا، منذ الألف الثالث قبل الميلاد. والمعروف الآن هو أن دلمون تشمل جزيرة البحرين كما تشمل جزيرة فيلكة وساحل الجزيرة العربية المقابل لهما. أما ملُّوقا فالمرجح أنها الهند. وإن كانت تفاصيل التاريخ القديم لمجان (عمان) غير معلومة، فمما لا شك فيه هو أنها كانت مصدرًا لمواد أساسية في اقتصاد وادي الرافدين، ووسيطًا تجاريًا مُهِمًا للمواد التي انبنى عليها الاقتصاد الرافدي. فقد عُرفت مجان (عمان) بإنتاج النحاس وتصديره لوادي الرافدين. أما السفن الآتية إلى وادي الرافدين من مجان (عمان) ودلمون فقد كانت تؤدي دور الوسيط التجاري مع ملوقا حيث كانت تجلب لوادي الرافدين النحاس وحجر الديوريت والعقيق والبصل والتوابل والأخشاب، وكان خشب الساج المستورد من الهند، ذا أهمية كبرى في بناء السفن. وعرفت عمان باسم مزون لوفرة الموارد المائية فيها في فترات تاريخية سابقة وذلك بالقياس إلى ما جاورها من مناطق.
تسكت المصادر التاريخية عن عمان لفترة طويلة من الزمن، لكن هذا السكوت لا يعني وقوفها بمعزل عن الأحداث التاريخية في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية، لأهمية هذه المنطقة في الصلات بين الهند وآسيا من جهة، والعالم القديم في الشرق وأوروبا من جهة أخرى. ونتيجة اهتمام البطالمة المتأخرين في مصر بتجارة البحر الأحمر، أملاً منهم في تحويل تجارة الهند إليه، ساعدت موانئهم وسواحلهم في تنشيط دور العمانيين على بحر العرب والمحيط الهندي في تجارة مصر البطلمية مع الشرق. كما يبدو أن تزايد أهمية منطقة عُمان لتوسطها بين الهند والشرق الأوسط أدى إلى احتلال الفرتيين رأس الخليج بعد 140 ق.م، واتخاذ منطقة صحار، مركز منطقة الباطنة في عمان كمركز مرموق. وزاد اهتمام الفرس بعمان بعد سقوط دولة الفرتيين نحو 225م وحلول دولة الساسانيين محلها. فقد كانت سياسة الساسانيين هي تحويل تجارة الهند من البحر الأحمر إلى الخليج العربي وخليج عمان مرة أخرى. لذا كان لا بد لهم من السيطرة على موانئ عمان. ولما انتعشت تجارة الحرير، كان الساسانيون مسيطرين على الطريقين البري والبحري إليها. تروي كتب التاريخ عن نزوح قبائل عربية عديدة إلى عمان والاستقرار فيها منذ تاريخ موغل في القدم. وقد كثرت هجرات القبائل اليمنية خاصة بعد الانهيار الكبير لسد مأرب الذي حدث قبل ظهور الإسلام، في أواسط القرن السادس الميلادي.
وتذكر المصادر التاريخية أن أول هجرة منظمة وقوية هي تلك التي كانت تحت قيادة مالك بن فهم الذي كان ينتمي إلى القبائل الأزدية من نسل أزد بن الشرث بن بنت ابن مالك بن كهلان بن سبأ.
عمان والفرس
كانت لعمان صلات قديمة بالعالم القديم؛ فقد اشتهر العُمانيون بالملاحة واتصلوا مع آسيا وإفريقيا منذ زمن بعيد. وكان لهذا الاتصال مع إفريقيا وآسيا آثاره الإيجابية كما كانت له بعض الآثار السلبية. فانفتاح عمان أمام تلك البلاد جعل حكام تلك الأقطار يعرفون مناطق الضعف والقوة فيها. فقد استطاع الفرس حكم عُمان من عام 597ق.م حتى عام120م وهو عام حدث فيه أحد انهيارات سد مأرب حيث تفرقت القبائل العربية من اليمن واتجه بعضها فحرر عمان من حكم الفرس وغيَّر اسمها من جديد من مزون (السحابة الممطرة) كما كان يسميها الفرس إلى اسمها القديم عمان نسبة إلى كل من عمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام وعمان بن سبأ بن يخثان بن إبراهيم خليل الرحمن الذي قيل إنه أول من بنى مدينة في عُمان.
سار مالك بن فهم إلى عمان على رأس ستة آلاف من الجنود، واتصل بالفرس الذين كانوا قد بسطوا سلطانهم على عمان من ريسوت في الجنوب (ظفار) إلى قلهات على ساحل المنطقة الشرقية (صور). جاء مالك إلى عمان ليستقر بها، ولما عارض الفرس ذلك استعد الجانبان للقتال. وبعد قتال عنيف توصل مالك ـ بعد أن هزم الفرس ـ إلى اتفاق معهم يقضي بأن يرحلوا من البلاد خلال عام من ذلك التاريخ. وبدلاً من أن يبدأوا في الخروج طلبوا إمدادات من فارس، فوصلتهم واستعدوا لحرب مالك بن فهم وأتباعه مرة أخرى. ودار بين الجانبين قتال شديد انتهى بانتصار مالك. ولجأ كثير من الفرس إلى سفنهم وأبحروا بها لبلادهم. فاستولى مالك على عمان وغنم جميع الأموال والممتلكات التي خلّفها الفرس. وتذكر المراجع التاريخية أن مالكًا قد أحسن إلى الأسرى من الفرس فكساهم وزوّدهم وأوصلهم بالسفن إلى بلادهم. وأصبح حاكمًا على عمان وما جاورها من الأطراف، وساسها سياسة حسنة. كثرت هجرات العرب إلى عمان وكثر عددهم فيها، وانتقل بعضهم من عمان إلى البحرين. ولم يكن هناك سلطان ولا ملك قوي في كل تلك المنطقة إلا مالك بن زهير.ومن حُسن تصرف مالك بن فهم أنه أقام معه علاقات ودية، وتزوج ابنته. وطلب أبوها أن يكون لأبنائها منه التقديم على سائر الأبناء من غيرها، ووافق مالك بن فهم على ذلك. وحكم مالك بن فهم عمان سبعين سنة، وخلفه أبناؤه. ونازع الفرس أحفاده في الملك قبل الإسلام، إلى أن آل الأمر إلى ابني الجلندي اللذين ظلا يحكمان عُمان حتى ظهور الإسلام.
عمان قبل الاسلام
ومنذ عصر النهضة العمانية المعاصرة بدأت البعثات العلمية للتنقيب عن الآثار تمارس عملها وتوصلت إلى نتائج علمية على درجة كيبرة من الأهمية لعل من أهمها إكتشاف مجتمعات عمرانية وجدت على الساحل العماني الشرقي والغربي ترجع إلى الالف السادسة قبل الميلاد وكشف النقاب عن مجتمعات إخرى في موقع القرم بمسقط تعود إلى الآلف الخامس قبل الميلاد حيث عثر على مقابر وبقايا أطعمه وأمتعة شخصية تشير إلى ان سكان هذا الموقع كانوا يمارسون حرفة الصيد بينما احترف بعضهم مهنة قنص الغزلان من الوديان في المناطق الداخلية من عمان وعثر على حلي للرجال والنساء بما يؤكد بلوغ درحة ما من التقدم التقني والحضاري .
وقد كشفت التقارير العلمية التي نشرت عام 1987م عن محطة التنقيبات الأثرية التي اجريت في المنطقة الوسطى من الباطنة لتؤكد وجود مجتمعات قديمة لها نشاطها الاقتصادي والسياسي المنظم ولها علاقاتها الخارجية مع العديد من الدول الأخرى , ففي دراسة نشرها كل من ب كوستا , ت. ج ولكنسن حلو منطقة صحار قدم المؤلفان معلومات وافية عن المجتمعات التعدينية والزراعية والتجارية للمنطقة التتي ترجع أصولها التاريخية إلى مراحل بعيدة من العصور القديمة إمتدت إلى العصور الإسلامية .
كما قدم الباحثان (كوستا وولكنسن) تقريراً علمياً دقيقاً يؤكد وجود مناطق تعدينية لإستخراج النحاس خلف المنطقة الزراعية بنحو 25 كيلومتراً على سفح جبال الحجر الغربي ودل العثور على آثار حجرية في المنطقة بما يؤكد قيام مجتمعات صغيرة في مطلع الآلف الثالثة قبل الميلاد وقد أكدت الدراسة إستمرار إستغلال هذه المناجم إلى العصور الإسلامية .
كذلك أكدت الدراسات البحثية التي أجريت في العراق عن إستخدام النحاس منذ القرن الرابع قبل الميلاد وأضافت هذه الدراسات إنه كان ينقل من عمان عن طريق الرحلات البحرية في الخليج .
ومنذ منتصف الألف الثانية قبل الميلاد أخذ إستخدام الحديد ينتشر بصورة متزايدة وبخاصة في صناعة الأسلحة مما قلل من أهمية الطلب على النحاس وشيوع مواد تجارية جديدة مثل اللبان والأفاوية والجمال والخيول , لذا فقد أخذت التجارة العمانية تتجه في معظمها صوب الغرب والشمال لتحدد مع تجارة قوافل جنوب الجزيرة العربية الواسعة فيما عرف بطريق البخور .
لقد تضاعفت أهمية تجارة عمان منذ الألف الأولى قبل الميلاد بسبب مقدرة العمانيين على توفير سلع أجنبية للأسواق العربية مثل القرفة التي كان يستوردها العمانيون من الهند ويقومود بنقلها إلى بقية الأسواق العربية , ومما يستلفت النظر إن إسم (مجان) قد أصبح له مدلول جغرافي أوسع خلال الألف الأولى قبل الميلاد , حيث شمل جميع الأقسام الجنوبية من الجزيرة العربية إبتداء من مضيق باب المندب وحتى مضيق هرمز . وعموما فإنه مع ضعف الطلب على النحاس وجد العمانيون بديلاً في اللبان والبخور والخيول والمنتجات الهندية والصينية , ومن ثم فقد نشطت تجارة التوابل إضافة إلى الحرف التقليدية التي إمتهنها العمانيون منذ العصور التاريخية القديمة وهي الزراعة وبرعوا في توفير المياه من خلال الأفلاج والعيون وتقدم الدراسات الأثرية الحديثة ما يؤكد مقدرة الإنسان العماني وتفوقه في مهنة الزراعة ومهارته الشديدة في التفنن في إستغلال المياه من خلال شق الأفلاج ويشير القزويني (آثار البلاد وأخبار العباد) إلى أن إرم ذات العماد تقع في منطقة الأحقاف من الجزء الجنوبي الغربي من عمان ثم يقول (لقد أجرى الملك إليها نهراً مسافة أربعين فرسخاً تحت الأرض فظهر في المدينة فأجرى من ذلك النهر السواقي في السكك والشوارع وأمر بحافتي النهر والسواقي فطليت بالذهب .
دخول الإسلام
لقد إختلفت الروايات التاريخية حول التحديد الزمني لدخول الإسلام في عمان , فبينما تشير الكثير من المصادر إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو الذي بادر بدعوة حكام عمان إلى الإسلام وهما جيفر وعب أبناء الجلندي , بيد أن الذي أختلف عليه المؤرخون هو تحديد الفترة التي بعث فيها الرسول إلى حكام عمان حيث تذكر بعض الروايات ان ذلك قد حدث عام 6 هـ بعد صلح الحديبية إلا أن رواية أخرى تحدد تاريخ المراسلة بعد فتح مكة عام 8هـ وتذهب رواية ثالثة إلى أن ذلك قد حدث عقب حجة الوداع .
ويمكن القول أن النبي صلى الله عليه وسلم قد إهتم بتوسيع رقعة الإسلام عقب فتح مكة وزوال المقاومة القرشية , حيث أصبح الإسلام هو القوة الكبرى في بلاد العرب عنذ ذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسالة إلى ملوك الدول المجاورة ومن هؤلاء ملكا عمان : جيفر وعبد أبناء الجلندي.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام أرسل كتاباً مع أبي زيد الأنصاري إلى الجلندي أو إلى جيفر عام 6 هـ ثم بعض بكتاب آخر مع عمرو بن العاص عام 8هـ وكتاباً ثالثاً إلى أهل عمان رواه أبو شداد الدمائي من أهل دما قال : جاءنا كتاب النبي صلى الله عليه وسلم في قطعة أدم : ( من محمد رسول الله إلى أهل عمان , أما بعد , فأقروا بشهادة أن لا إله إلا الله وإني رسول الله , أدوا الزكاة وخطوا المساجد وإلا غزوتكم) . وهناك كتاب أخرى رابع تسلمه عبدالله بن علي الثمالي ومسلية بن هزان , حينما قدما في رهط من قومهما على الرسول صلى الله عليه وسلم فأسلموا وبايعوا على قومهم وكتب الرسول لهم كتابما بما فرض عليهم من الصدقة في أموالهم .
ونتيجة لهذه الكتب ونتيجة لأتصال بعض أهل عمان المباشر بالرسول صلى الله عليه وسلم أفرادا وجماعات إنتشر الإسلام في عمان إنتشاراً واسعاً ساعد على ذلك إن محمد عليه الصلاة والسلام قد جعل حكم عمن بيد أبناء الجلندي في حالة إعتناقهم الإسلام وفوض إبن العاص في جمع الزكاة من أغنياء البلاد وتوزيعها على من يحتاجها من الفقراء والمساكين .
وقيل أن وفداً من الأزد قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى أبو نعيم عن سويد بن الحارث رضي الله عنه قال: وفدت سابع سبعة من قومي على رسول الله فلما دخلنا عليه وكلمناه أعجبه ما رأى من سمتنا وزينا فقال : ما أنتم ؟ قلنا: مؤمنون , فتبسم عليه الصلاة والسلام وقال : إن لكل قوم حقيقة , فما حقيقة قولكم وإيمانكم , قلنا: خمس عشرة خصلة , خمس منها أمرتنا بها رسلك أن نؤمن بها , وخمس أمرتنا أن نعمل بها , وخمس تخلفنا بها في الجاهلية , فنحن عليها إلا أن تكره شيئاً منها فنتركه , فقال عليه الصلاة والسلام: ما الخمس التي أمرتكم بها رسلي أن تؤمنوا بها ؟ قلنا: أمرتنا أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت, قال : والخمس التي أمرتكم رسلي أن تعملوا بها؟ قلنا: الشكر عند الرخاء والصبر على البلاء ولرضاء بمر القضاء والصدق في مواطن اللقاء وترك الشماته بالأعداء , فقال: حكماء وعلماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء , ثم قال: وأنا أزيدكم خمساً فتتم لكم عشرون خصله , إن كنتم كما تقولون فلا تجمعوا مالا تأكلون ولا تبنوا مالا تسكنون ولا تنافسوا في شئ أنتم عنه غداً زائلون وأتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون , وأرعبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون.. فأنصرفوا وقد حفظوا وصيته عليه السلام . لذا فلا عجب أن نجد الرسول الكريم يدعوا لأهل عمان قائلاً: (رحم الله أهل الغبيراء (أهل عمان) أمنوا بي ولم يروني) .
وما كانت دعوة الرسول لأهل عمان بالخير إلا لأنه صلى الله عليه وسلم كان قد إستوثق من إسلامهم إسلاماً خالصاً مخلصاً من كل شائبة , وتجمع الروايات التاريخية على ان العمانيين قد إستجابوا لدعوة الرسول دون تردد أو خوف وحينما توفي الرسول عليه الصلاة والسلام غادر عمرو بن العاص عمان مطمئنا إلى حسن إسلام العمانيين فعاد إلى المدينة وصحبه وفد من العمانيين كان على رأسهم عبد بن الجلندي أحد ملكي عمان وجعفر بن جشم العتكي وأبو صفرة سارق بن ظالم وعندما قدموا على مجلس أبي بكر الصديق قام سارق بن ظالم وقال: ياخليفة رسول الله ويا معشر قريش هذه أمانة كانت في أيدينا وفي ذمتنا ووديعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فقد برئنا إليكم منها , وخاطبهم الصديق قائلاً: معاشر أهل عمان إنكم أسلمتم طوعاً لم يطأ رسول الله ساحتكم بخف ولا حافر ولم تعصوه كما عصيه غيركم من العرب , ولم ترموا بفرقة ولا تشتت شمل , فجمع الله على الخير شملكم ثم بعث إليكم عمرو بن العاص بلا جيش ولا سلاح فأجبتموه إذ دعاكم على بعد داركم وأطعتموه إذ أمركم على كثرة عددكم وعدتكم فأي فضل أبر من فضلكم وأي فعل أشرف من فعلكم كفاكم قوله عليه السلام شرفاً إلى يوم الميعاد ثم أقام فيكم عمرو ما أقام مكرما ورحل عنكم إذ رحل مسلما وقد من الله عليكم بإسلام عبد وجيفر أبني الجلندي وأعزكم الله به وأعزه بكم ولست أخاف عليكم أن تغلبوا على بلادكم ولا أن ترجعوا عن دينكم , جزاكم الله خيراً .
والحق أن خطبة أبي بكر الصديق في الوفد العماني هي بمثابة وثيقة خطيرة الشأن في حسن أخلاق العمانيين وكرم وفادتهم وحسن إسلامهم وثباتهم على الحق .
ولما توفي الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه أقر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عبد وجيفر على عمان ومنحهما الحرية الكاملة ف تصريف شؤون بلادهما الداخلية على أن تبقى في إطار النظام العام للدولة الإسلامية , وبعث عثمان بن أبي العاص الثقفي عاملاً من قبله ليتولى جمع الصدقات والزكاة على أن يترك شؤون عمان الداخلية للأخوين عبد وجيفر أكراماً لهما على حسن إسلامهما .
المستعمرة البرتغالية
كان البرتغاليون هم أول من وصل إلى الشرق من الأوروبيين، وكانوا يقصدون الهند للتجارة. وبتعرفهم على عمان وموقعها المتميز قرروا السيطرة عليها لتأمين خطوط تجارتهم إلى الهند، وفي منطقة الخليج كله. فلعمان موقع جغرافي متميز، وللبلد حصانة متينة، حيث تحدها الحواجز الطبيعية؛ فهي محاطة من الشمال والشرق والجنوب بالخليج العربي وخليج عمان والبحر العربي، وهي محاطة من جهة الغرب بالرمال التي تُعد امتدادًا للربع الخالي. أما طبيعة أرضها فتنقسم إلى ثلاثة أقسام: المنطقة الأولى هي المنطقة التي تقع على الساحل بطول 1700كم وهي منطقة خصبة. والمنطقة الثانية هي منطقة الجبال. وفي هذه المنطقة جبال عالية وعرة. أما المنطقة الثالثة فهي المنطقة الصحراوية. وهي منطقة جرداء قاحلة تقل فيها مظاهر الحياة المطلوبة. وقد جذب ساحل عمان الخصب البرتغاليين فاحتلوا البلد عام 1507م غير أن العمانيين لم يستسلموا للمستعمر بل جمعوا قواتهم واتحدوا وحاربوا البرتغاليين وأخرجوهم من عمان عام 1650م. وامتد سلطان عمان بعد ذلك من سواحل جنوب غرب آسيا في المحيط الهندي إلى الساحل الشرقي لإفريقيا. وأقام العمانيون عددًا من المراكز التجارية في إفريقيا وجوادر ومكران في بلوشستان.
عمان وإمبراطورية شرق أفريقيا
مبنى قصر السلطان في زنجبار، والتي كانت في وقت ما عاصمة عمان وقمر سلاطينها.
كانت السفن العمانية تتنقل بين إفريقيا وآسيا منذ تاريخ قديم تحمل التجارة والتجار. وقد استقر بعض العرب (من عمانيين وغيرهم) بشرق إفريقيا كما استقر معهم بعض الهنود والإيرانيين. واختلط كل هؤلاء فكونوا من يعرفون الآن بالسواحليين في شرق إفريقيا. وقد ازداد عدد العمانيين في إفريقيا بعد ظهور الإسلام، وبروز الدولة الأموية، فأقام حكام عمان في زنجبار عام 684م، ولحقتهم مجموعات أخرى عام 122هـ، 739م، وهي مجموعة من أهل اليمن وبالذات من المهرا وحضرموت وسقطري.
كان البرتغاليون يسيطرون على التجارة والملاحة على السواحل الإفريقية والآسيوية. وقد حاربهم الإنجليز وهزموهم في معقلهم في جزيرة هرمز عام 1622م. وفي عام 1624م انتخب الإمام ناصر بن مرشد اليعربي إمامًا على عمان، وتمثل حقبة الإمام ناصر بداية دولة اليعاربة. وأعقب ناصر بن مرشد اليعربي سيف بن سلطان اليعربي المعروف باسم قيد الأرض عام 1649م. واستطاع الأخير أن يطرد البرتغاليين من مسقط وطاردهم حتى الهند وسواحل شرق إفريقيا وأخرجهم من زنجبار ولنجة وغيرها من المناطق الإفريقية والآسيوية. وكان أهل ممبسا قد ثاروا على البرتغاليين مستنجدين بالعمانيين لحمايتهم. واستمر العمانيون يحكمون زنجبار وتجوب أساطيلهم السواحل الإفريقية مسيطرة عليها لأمد طويل من الزمن.
ما بعد الإستقلال
اتحدت أراضي بلاد عمان تحت ظل حكم أسرة البوسعيد. وقد بدأ حكم هذه الأسرة لعمان منذ عام 1744م عندما تمت مبايعة الإمام أحمد بن سعيد والي صحار إماماً لعمان. ولازالوا يحكمونها إلى اليوم في ظل أسرة آل سعيد الحاكمة. وبعد أن توفي الإمام أحمد بن سعيد في عاصمة الرستاق عام 1198هـ، 1783م، نقل حفيده حمد الذي حكم بين عامي 1784 و1792م العاصمة من الرستاق إلى مسقط لتستقر فيها حتى الآن. وكان اسم البلاد هو مسقط وعمان، وتغير هذا الاسم عام 1970م ليصبح اسمها سلطنة عمان، اتفاقا مع اسم البلاد الصحيح المعتاد، وأصبحت مسقط العاصمة. كان العمانيون قد وقّعوا اتفاقات مع البريطانيين في عام 1798م تحدد نوع العلاقات بين البلدين. وكان هدف الإنجليز الأول هو ضمان سيطرتهم على الملاحة في المحيط الهندي، وسلامة الخط البحري التجاري الذي يربط إنجلترا بالهند وتسيير أعمال شركة الهند الشرقية التابعة لهم. [1]
اشتهرت عمان بقوتها البحرية وأساطيلها العسكرية. وكانت سفنها الكبيرة تمخر عباب البحار، تنقل التجارة بين الهند وبلاد العرب وسواحل إفريقيا. غير أن تلك السفن بدأت تقل منذ بداية القرن الثامن عشر الميلادي حين وصلت السفن الأوروبية الكبيرة إلى المنطقة، وطغت على السفن المحلية في نقل التجارة. وكانت السفن الأوروبية تعمل بمحركات وتُدفع بالطاقة البخارية، ولها سرعة فائقة. التاريخ الحديث لعمان
الوكلاء السياسيون البريطانيون 1800-1840
مناخ مسقط لعب لعبته في المسؤوليين البريطانيين، ففي 1800 عينت بريطانيا بوجل كأول دبلوماسي لها، فتوفي سريعا بسبب الحر فخلفه ديڤد سـِتون David Seton، أحد رجال الجيش البريطاني. وأجبر سوء الصحة الكابتن سـِتون على أخذ إجازة مدتها سنة في الهند. ولكنه عاد إلى منصبه في يونيو 1803. وأُعلِن عن وفاته في ١٨٠٩ لسوء المناخ. فطلبت من مقيمها ببوشهر رعاية مصالحها في مسقط، ففضل أن ينأى بجلده لتتوقف بريطانيا 30 سنة عن تعيين ممثلين لها بمسقط حتى 1840.
تولي قابوس الحكم 1970
يعتبر يوم 23 يوليو من عام 1970، عندما تولى جلالة السلطان قابوس بن سعيد حكم البلاد، بداية انطلاق النهضة العمانية الحديثة حيث انتقلت مظاهر الحياة في البلاد نقلة حقيقية من دولة قديمة إلى دولة عصرية لها أنظمتها الإدارية، ومؤسساتها المختلفة من تعليمية وصحية وزراعية وتجارية وسياسية واقتصادية وغيرها. إضافة إلى ذلك فإن عمان قد انتهجت نهجًا حديثًا في إيجاد علاقات متينة مع سائر دول العالم عامة، وجيرانها بصفة خاصة. فقد أصبحت عضوًا في الأمم المتحدة وفروعها المنبثقة عنها. كما أنها أقامت علاقات وطيدة مع الدول العربية عامة، وانضمت إلى جامعة الدول العربية. وفي عام 1981م كانت من المؤسسين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يشمل تعاونه مختلف المجالات ومنها الدفاع والمشاريع المشتركة.
حكام عمان